فصل: قال السمين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فلا تعجل عليهم} ولا يضق صدرك بهم؛ فإنهم ممهلون إلى أجل قريب، وكل شيء من أعمالهم محسوب عليهم ومعدود.. والتعبير يصور دقة الحساب تصويرًا محسوسًا {إنما نعد لهم عدا}.. وإنه لتصوير مرهوب، فيا ويل من يعد الله عليه ذنوبه وأعماله وأنفاسه، ويتتبعها ليحاسبه الحساب العسير.. إن الذي يحس أن رئيسه في الأرض يتتبع أعماله وأخطاءه يفزع ويخاف ويعيش في قلق وحسبان.
. فكيف بالله المنتقم الجبار؟!
وفي مشهد من مشاهد القيامة يصور عاقبة العد والحساب. فأما المؤمنون فقادمون على الرحمن وفدًا في كرامة وحسن استقبال: {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا}. وأما المجرمون فمسوقون إلى جهنم وردًا كما تساق القطعان. {ونسوق المجرمين إلى الجهنم وردا}. ولا شفاعة يومئذ إلا لمن قدم عملًا صالحًا فهو عهد له عند الله يستوفيه. وقد وعد الله من آمن وعمل صالحًا أن يجزيه الجزاء الأوفى، ولن يخلف الله وعدًا.
ثم يستطرد السياق مرة أخرى إلى مقولة منكرة من مقولات المشركين. ذلك حين يقول المشركون من العرب: الملائكة بنات الله. والمشركون من اليهود: عزير ابن الله. والمشركون من النصارى: المسيح ابن الله.. فينتفض الكون كله لهذه القولة المنكرة التي تنكرها فطرته، وينفر منها ضميره: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدًّا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا}..
إن جرس الألفاظ وإيقاع العبارات ليشارك ظلال المشهد في رسم الجو: جو الغضب والغيرة والانتفاض! وإن ضمير الكون وجوارحه لتنتفض، وترتعش وترجف من سماع تلك القولة النابية، والمساس بقداسة الذات العلية، كما ينتفض كل عضو وكل جارحة عندما يغضب الإنسان للمساس بكرامته أو كرامة من يحبه ويوقره.
هذه الانتفاضة الكونية للكلمة النابية تشترك فيها السماوات والأرض والجبال، والألفاظ بإيقاعها ترسم حركة الزلزلة والارتجاف.
وما تكاد الكلمة النابية تنطلق: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} حتى تنطلق كلمة التفظيع والتبشيع: {لقد جئتم شيئًا إدا} ثم يهتز كل ساكن من حولهم ويرتج كل مستقر، ويغضب الكون كله لبارئه. وهو يحس بتلك الكلمة تصدم كيانه وفطرته؛ وتجافي ما وقر في ضميره وما استقر في كيانه؛ وتهز القاعدة التي قام عليها واطمأن إليها: {تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا}..
وفي وسط الغضبة الكونية يصدر البيان الرهيب: {إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا}.
إن كل من في السماوات والأرض إلا عبد يأتي معبوده خاضعًا طائعًا، فلا ولد ولا شريك، إنما خلق وعبيد.
وإن الكيان البشري ليرتجف وهو يتصور مدلول هذا البيان.. {لقد أحصاهم وعدهم عدا} فلا مجال لهرب أحد ولا لنسيان أحد {وكلهم آتيه يوم القيامة فردا} فعين الله على كل فرد. وكل فرد يقدم وحيدًا لا يأنس بأحد ولا يعتز بأحد. حتى روح الجماعة ومشاعر الجماعة يجرد منها، فإذا هو وحيد فريد أمام الديان.
وفي وسط هذه الوحدة والوحشة والرهبة، إذا المؤمنون في ظلال ندية من الود السامي: ود الرحمن: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا}.. وللتعبير بالود في هذا الجو نداوة رخية تمس القلوب، وروْح رضى يلمس النفوس. وهو ود يشيع في الملأ الأعلى، ثم يفيض على الأرض والناس فيمتلئ به الكون كله ويفيض..
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل فقال: يا جبريل إني أحب فلانًا فأحبه. قال: فيحبه جبريل. ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه. قال: فيحبه أهل السماء. ثم يوضع له القبول في الأرض. وإن الله إذا أبغض عبدًا دعا جبريل فقال: يا جبريل إني أبغض فلانًا فأبغضه. قال: فيبغضه جبريل. ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه. قال: فيبغضه أهل السماء؛ ثم يوضع له البغضاء في الأرض».
وبعد فإن هذه البشرى للمؤمنين المتقين، وذلك الإنذار للجاحدين الخصيمين هما غاية هذا القرآن. ولقد يسره الله للعرب فأنزله بلسان الرسول صلى الله عليه وسلم ليقرأوه: {فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قومًا لدّا}..
وتختم السورة بمشهد يتأمله القلب طويلًا؛ ويرتعش له الوجدان طويلًا؛ ولا ينتهي الخيال من استعراضه: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا}.
وهو مشهد يبدؤك بالرجة المدمرة، ثم يغمرك بالصمت العميق. كأنما يأخذ بك إلى وادي الردى، ويقفك على مصارع القرون؛ وفي ذلك الوادي الذي لا يكاد يحده البصر، يسبح خيالك مع الشخوص التي كانت تدب وتتحرك، والحياة التي كانت تنبض وتمرح. والأماني والمشاعر التي كانت تحيا وتتطلع.. ثم إذا الصمت يخيم، والموت يجثم، وإذا الجثث والأشلاء والبلى والدمار، لا نأمة. لا حس. لا حركة. لا صوت.. {هل تحس منهم من أحد} انظر وتلفت {هل تسمع لهم ركزا} تسمع وأنصت. ألا إنه السكون العميق والصمت الرهيب. وما من أحد إلا الواحد الحي الذي لا يموت. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {لقد جئتم شيئًا إدًّا} قال: قولًا عظيمًا. وفي قوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} الآية. قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق، إلا الثقلين، وكادت تزول منه لعظمة الله: وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك، كذلك نرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين. وفي قوله: {وتخر الجبال هدًّا} قال: هدمًا.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عون، عن ابن مسعود قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان، هل مر بك اليوم أحد ذكر الله؟ فإذا قال نعم، استبشر. قال عون: أفيسمعن الزور إذا قيل، ولا يسمعن الخير؟! هي للخير اسمع. وقرأ {وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا} الآيات.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة، عن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن الجبلين إذا أصبحا، نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه فيقول: أي فلان، هل مر بك ذاكر لله؟ فيقول: نعم. فيقول: لقد أقر الله عينك، ولكن ما مر بي ذاكر لله عز وجل اليوم.
وأخرج الحاكم وصححه، عن أبي أمامة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قرأ {تكاد السموات ينفطرن} بالياء والنون {وتخر الجبال} بالتاء.
وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد في قوله: {يتفطرن منه} قال: الانفطار الانشقاق.
وأخرج أبو الشيخ، عن الضحاك في قوله: {تكاد السماوات يتفطرن منه} قال: يتشققن من عظمة الله.
وأخرج ابن المنذر، عن هرون قال: في قراءة ابن مسعود {تكاد السماوات يتفطرن} بالياء.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن عبدالله بن عوف: إنه لما هاجر إلى المدينة؛ وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم: شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، فأنزل الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًّا}.
وأخرج ابن مردويه والديلمي، عن البراء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليّ: «قل: اللهم اجعل لي عندك عهدًا، واجعل لي عندك ودًّا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة» فأنزل الله {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: فنزلت في علي.
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن ابن عباس قال: نزلت في علي بن أبي طالب {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: محبة في قلوب المؤمنين.
وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه، «عن علي قال: سألت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن قوله: {سيجعل لهم الرحمن ودًا} ما هو؟ قال: المحبة، في قلوب المؤمنين، والملائكة المقربين. يا علي، إن الله أعطى المؤمن ثلاثًا. المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين».
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير، عن ابن عباس في قوله: {سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: محبة في الناس في الدنيا.
وأخرج هناد، عن الضحاك {سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: محبة في صدور المؤمنين.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: يحبهم ويحبونه.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أحب الله عبدًا، نادى جبريل: إني قد أحببت فلانًا، فأحبه. فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا} وإذا أبغض الله عبدًا، نادى جبريل: إني قد أبغضت فلانًا، فينادي في أهل السماء، ثم تنزل له البغضاء في أهل الأرض».
وأخرج ابن مردويه، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن العبد ليلتمس مرضاة الله، فلا يزال كذلك، فيقول الله لجبريل: إن عبدي فلانًا يلتمس أن يرضيني، فرضائي عليه، فيقول جبريل: رحمة الله على فلان، ويقوله حملة العرش، ويقوله الذين يلونهم، حتى يقوله: أهل السموات السبع، ثم يهبط إلى الأرض. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الآية التي أنزل الله في كتابه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا} وإن العبد ليلتمس سخط الله، فيقول الله: يا جبريل، إن فلانًا يسخطني، ألا وإن غضبي عليه؛ فيقول جبريل: غضب الله على فلان، ويقوله حملة العرش، ويقوله من دونهم، حتى يقوله أهل السموات السبع، ثم يهبط إلى الأرض».
وأخرج عبد بن حميد، عن كعب قال: أجد في التوراة: أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض، حتى تكون بدؤها من الله تعالى؛ ينزلها على أهل الأرض، ثم قرأت القرآن فوجدت فيه {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا}.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن ابن عباس بسند ضعيف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أعطى المؤمن ثلاثة: المقة والملاحة والمودة والمحبة في صدور المؤمنين. ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا}».
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد سلام عليك أما بعد: فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، فإذا أحبه الله حببه إلى عباده، وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده.
وأخرج الحكيم الترمذي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل عبد صيت، فإن كان صالحًا وضع في الأرض، وإن كان سيئًا وضع في الأرض».
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقة من الله، والصيت من السماء، فإذا أحب الله عبدًا قال لجبريل: إني أحب فلانًا، فينادي جبريل: إن ربكم يحب فلانًا فأحبوه، فتنزل له المحبة في الأرض، وإذا أبغض عبدًا قال لجبريل: إني أبغض فلانًا، فأبغضه، فينادي جبريل: إن ربكم يبغض فلانًا فابغضوه، فيجري له البغض في الأرض».
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: {وتنذر به قومًا لدًا} قال: فجارًا.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {لدًا} قال: صمًا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الضحاك في قوله: {لدًا} قال: خصماء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله: {قومًا لدًا} قال: جدلًا بالباطل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة {قومًا لدًا} قال: هم قريش.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد {لدًا} قال: لا يستقيمون.
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}.
أخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {هل تحس منهم من أحد} قال: هل ترى منهم من أحد.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم أنه قرأ {هل تحس منهم} برفع التاء وكسر الحاء ورفع السين ولا يدغمها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله تعالى: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزًا} قال: هل ترى عينًا أو تسمع صوتًا.
وأخرج عبد بن حميد، عن الحسن في الآية قال: ذهب القوم فلا صوت ولا عين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {ركزًا} قال: صوتًا.
وأخرج الطستي في مسائله، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {ركزًا} فقال: حسًا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر:
وقد توجس ركزًا متفقد ندس ** بنية الصوت ما في سمعه كذب

اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)}.
قوله: {وُدًّا}: العامَّةُ على ضمِّ الواوِ. وقرأ أبو الحارث الحنفي بفتحها، وجناح بن حبيش بكسرِها، فَيُحتمل أَنْ يكونَ المفتوحُ مصدرًا، والمضمومُ والمكسورُ اسمين.
{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ}.
قوله: {بِلِسَانِكَ}: يجوز أن يكونَ متعلِّقًا بمحذوفٍ على أنه حالٌ. واللِّسان هنا: اللغةُ، أي: نَزَّلناه كائِنًا بلسانِكَ. وقيل: هي بمعنى على، وهذا لا حاجةَ إليه بل لا يظهرُ له معنى.
و{لُدًَّا} جمع أَلَدّ وهو الشديدُ الخصومةِ كالحُمْر جمعَ أَحْمر.
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)}.
وقرأ الناسُ {تُحِسُّ} بضمِّ التاء وكسرِ الحاء مِنْ أَحَسَّ. وقرأ أبو حيوةَ وأبو جعفرٍ وابن أبي عبلة {تَحُسُّ} بفتح التاء وضم الحاء. وقرأ بعضُهم {تَحِسُّ} بالفتح والكسر، من حَسَّه، أي: شَعَرَ به، ومنه الحواسُّ الخَمس.
و{منهم} حالٌ مِنْ {أحد} إذ هو في الأصلِ صفةٌ له، و{مِنْ أحدٍ} مفعولٌ زِيْدَتْ فيه {مِنْ}.
وقرأ حنظلةُ {تُسْمَعُ} مضمومَ التاء، مفتوحَ الميمِ مبنيًا للمفعولِ، و{رِكْزًا} مفعولٌ على كلتا القراءتين إلا أنه مفعولٌ ثانٍ في القراءة الشاذة. والرِّكْزُ الصوت الخفي دونَ نطقٍ بحروفٍ ولا فمٍ، ومنه رَكَزَ الرمحَ، أي: غَيَّبَ طَرَفَه في الأرضِ وأَخفاه، ومنه الرِّكازُ، وهو المال المدفونُ لخفائِه واستتارِه. وأنشدوا:
فَتَوَجَّسَتْ رِكْزَ الأنيسِ فَرَاعَها ** عن ظهر غَيْبٍ والأَنِيْسُ سَقامُها

اهـ.